سيدة الأطاولة تناشد أهل الخير لمساندتها بعدما التهمت النيران منزلها وتحلم بإنقاذها من براثن الديون

التهم الحريق كل شيء وأودى بأحلام الأيام القادمة لعائلة بأكملها ولم يذر لربة المنزل صاحبة الثمانية أبناء والتي تهرول خلف لقمة عيش أبنائها سوى رماد أخشاب أثاث منزلها المتهالك المتفحم حتى باتت تبيت في العراء في منزل بلا سقف ولا أثاث، ليسطر الحريق بدفتر ديونها آلافا جديدة من الجنيهات لا تعلم أين الوجهة لسدادها.
كارثة
ذات صباح خرجت سعدة هريدي، ابنة قرية الأطاولة بمركز الفتح بصحبة ابنتها للحاق بموعد الطبيب وكذلك لقضاء مصالحها ورأسها معبأ بسؤال أوحد وهو كيف السبيل إلى سداد ديونها وأقساط تلك القروض التي انقضت عليها من كل اتجاه فهي العائل الوحيد لأبنائها بعد طلاقها، كل ذلك الهم الجاسم على أنفاسها وهي لازالت صاحبة الست وأربعين عاما حتى صارت وكأنها زادت من العمر عشرينا فوق الأربعين.
وبينما تسير مكبلة بجبال همومها في أثناء عودتها إلى منزلها إذ بهاتفها يدق “الحقي بيتك اتحرق وطالعة منه نار والسلك اتقطع وعامل ماس محدش قادر يطفيه”. كان اتصالا من جارتها لتخبرها بالحدث الأليم الذي كاد أن يفقدها النطق، فربة المنزل لا تملك من حطام الدنيا سوى هذا المنزل الصغير الذي اشترته بكل ما كان لديها من مال لتختبئ فيه هي وأبنائها من نهش أنياب الدنيا وبرد الليل القارس.
هذا البيت الصغير الذي تمر أسلاك الضغط العالي فوقه بشكل مباشر، واضطرت صاحبته لشرائه رغم خطورة الوضع لأن ثمنه كان متناسبا مع ضعف إمكانياتها المادية، فهي لا تعمل ومريضة روماتويد وتحصل على علاج شهري على نفقة الدولة وتعول أطفالها الثمانية بعد طلاقها حتى كبروا فهي منفصلة عن زوجها منذ عشر سنوات.
لم أستطع تحديد ملامح بيتها وبالكاد استطاعت الكاميرات التقاط الصور فالنيرات نهشت كل شيء وطمست ملامحه ولكن تبقى طوب الحوائط الذي خلا من المحارة والبياض وذاب سقف البيت الخشبي ليكشف عن مرور أسلاك الضغط العالي فوق المنزل مباشرة حتى إنك تشعر أنها ملاصقة له ولذلك كانت السبب في احتراقه، فلقد تسبب قطع في السلك المار فوق المنزل في حدوث حريق هائل لم يستطع أحد إطفائه بسرعة لأنه حريق ناتج عن ماس كهربائي ولأن النيران حينما تنطلق لا تعرف حدودا لوقت ولا مكان وتسري بسرعة جنونية فلم تمهل الجهات المختصة لإخماده بشكل سريع وقضت على منزل ربة البيت بكل ما يحوي من فتات أجهزة قديمة متهالكة وأثاث دب السوس في جوانبه وملابس قديمة وأنهى على جهاز زوجة ابنها بالطابق الثاني الذي كان مسقوفا بالبوص وحوائطه من خشب أبلكاش وابتلع كل ما فيه.
لم يتبق لأهل البيت سوى حصيرة قديمة تستقبلك عند الدخول إلى المنزل المحترق ومخدات قديمة مهربدة يأبى حتى السوس سكناها من تهالكها هم موضع النوم الوحيد لتلك العائلة المكلومة يأخذون عليها قسطا من الراحة بعد عناء يوم طويل.
خسارة
اضطرت “سعدة” للسير في طريق القروض لأنها زوجت اثنتين من بناتها وكذلك لتوفير مصاريف أطفالها فزج بها ضعف الحال للدخول في عالم لا خروج منه إلا بخسائر قد تصل إلى الاحتجاز خلف أسوار السجن وهو الاقتراض والتكبل بالديون حتى إنها كتبت لأحد الدانة منزلها كضمان للدين وهي اليوم تخسر بيتها بشكل مبدئي بسبب الحريق وتكاد أن تخسره بشكل نهائي بسبب تكالب الديون ولن تجد ساعتها ملاذا آمنا لاحتضانها هي وأطفالها الصغار سوى الشارع، فمذ بدأت في طريق القروض كان حل السداد أمامها أن تقترض من هذا لتوفي دين ذاك وتدور الدائرة حولها ويضيق عليها الخناق حتى كاد أن يحبس أنفاسها.
أمنية
كل أمنيات ربة المنزل تمثلت في يد عون تمتد إليها لتوفر لها أجهزة بسيطة حتى لو قديمة بديلا عن أجهزتها التي تفحمت من ثلاجة صغيرة وغسالة بسيطة، وجهة تتولى أمرها لتسهم معها في سداد ديونها التي صارت مثل الغرغرينة في حياتها تنغص عليها أحلام الليل وتعرقل خطوات النهار.