حرائق ضخمة تجتاح تلال القدس وتشعل حالة طوارئ في اسرائيل
اكثر من 24 الف دونم احترقت وسط عمليات اخلاء جماعية وتحقيقات في شبهة الاحراق العمد

للمرة الثانية خلال أسبوع، اندلعت حرائق هائلة في إسرائيل، أمس الأربعاء في غابة إشتول الواقعة على مشارف مدينة القدس المحتلة وفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية و أحرقت أكثر من 24 ألف دونم حتى الآن،
واجتاح الحريق تلال القدس، وترك عدد كبير من السائقين العالقين على الطريق السريع رقم 1، الذي يربط القدس بتل أبيب، وسط جهود ومحاولات السيطرة من قبل فرق الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية.
وأفادت دائرة الإطفاء والإنقاذ بأن الحرائق اندلعت في مواقع في تلال القدس هما بيت مئير وشورش وشعار هاغاي ونافيه إيلان ومسيلات تسيون ونافيه شالوم ومنتزه كندا وعانافا.، مشيرة إلى أن فرق الإطفاء تعمل في ظروف مناخية معقدة جراء موجة الحر والرياح العاتية التي تسود المنطقة.
كما اشتعلت النيران في أربع مركبات على الطريق، ما استدعى تدخلًا عاجلًا لإنقاذ العالقين، وتم إنقاذ تسعة أشخاص حتى الآن من مركبات غمرها الدخان الكثيف، لكن أياً من ركاب السيارات المشتعلة لم يُحاصر داخلها.
وتُعد هذه الموجة من الحرائق واحدة من أخطر ما شهدته إسرائيل أخيرًا، وسط تحذيرات من امتدادها إلى مناطق إضافية بسبب الأحوال الجوية السيئة، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى إعلان حالة التأهب القصوى.
نتيجة الحرائق، أُجبر السكان الإسرائيليون في عدة تجمعات على الإخلاء، بما في ذلك “نفيه شالوم”، و”بكوع”، و”تعوز”، و”نحشون”، إضافة إلى إخلاء النصب التذكاري العسكري في “اللطرون”، وكذلك إخلاء الدير المجاور كإجراء احترازي
كما وُجهت تعليمات للشرطة بالاستعداد لاحتمال تنفيذ إخلاء إضافي في منطقة “مسيلات صهيون”؛ وأعلنت هيئة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية عن بدء عمليات إخلاء للمتنزهين من عدة حدائق تقع في المنطقة المهددة بالحرائق.
وأغلقت السلطات الإسرائيلية الطريق السريع رقم 1، الذي يُعد الشريان الرئيسي بين القدس وتل أبيب، داعية المواطنين إلى تجنب الاقتراب من المنطقة.
أيضًا، شملت الإغلاقات الطريق رقم 3 القريب، إضافة إلى الطرق رقم 65 و70 و85، بالتوازي مع تعليق حركة القطارات بين القدس وتل أبيب.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أنه في ظل اتساع رقعة الحرائق، تم إنشاء مركز قيادة ميداني في منطقة “إشتول”، بينما توجه وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان إلى الموقع للاطلاع على سير عمليات مكافحة الحرائق.
كما صدرت أوامر استدعاء عامة لأفراد وحدات الإطفاء في منطقة القدس، قبل أن يُوسع نطاق الاستدعاء ليشمل وحدات إضافية من جميع أنحاء البلاد. ووضعت سيارات الإسعاف التابعة لنجمة داوود الحمراء ومركبات الطوارئ في حالة تأهب تحسبًا لوقوع إصابات.
ووفق وسائل الإعلام العبرية، يعمل 119 طاقم إطفاء إلى جانب 10 طائرات على مكافحة النيران، وهناك 22 فريقًا إضافيًا في طريقهم إلى الغابات المشتعلة للمساهمة في عمليات الإطفاء، بينما أُصيب عدد من الأشخاص نتيجة استنشاق الدخان، حيث أعلنت خدمة الإسعاف التابعة لنجمة داوود الحمراء أنها قدمت العلاج لـ12 مصابًا حتى الآن، جميعهم تأثروا بالدخان الناجم عن الحرائق المشتعلة في التلال الغربية للقدس المحتلة.
وفي ظل تفاقم الوضع، أصدرت السلطات الإسرائيلية أمرًا بإخلاء مستوطنة “ميفو حورون” القريبة من مدينة “موديعين”، وذلك بعد خروج الحرائق عن السيطرة في تلك المنطقة أيضًا.
مساعدات دولية
دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، رئيس أركان الجيش، الجنرال إيال زامير، إلى إشراك قوات الجيش للمساهمة في احتواء الأزمة. وذكر بيان صادر عن مكتب كاتس: “نحن في حالة طوارئ وطنية، وعلينا حشد جميع القوات المتاحة لإنقاذ الأرواح والسيطرة على النيران”.
واستجابةً لنداء كاتس، أصدر زامير أوامره بنشر قوات من الجيش الإسرائيلي للمساعدة في عمليات الإخماد، بما في ذلك فرق إطفاء تابعة لقيادة الجبهة الداخلية ووحدات من سلاح الجو، الذي يساهم في توفير صور جوية للمناطق المشتعلة، لمساعدة فرق الإطفاء والشرطة الإسرائيلية على تحديد مواقع انتشار النيران وتنسيق جهود المكافحة
كما ذكر مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن الوزير تواصل مع نظرائه في كل من قبرص وكرواتيا وإيطاليا واليونان وطلب منهم تقديم مساعدات عاجلة للمساعدة في مكافحة الحرائق المتفاقمة.
وقالت القناة 12 العبرية إن كلًا من إيطاليا واليونان أرسلتا مساعدات إلى إسرائيل لمساعدتها في مواجهة الحرائق المشتعلة في التلال الغربية للقدس، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تصل طائرات المساعدة خلال الساعات القليلة المقبلة؛ دون ذكر تفاصيل دقيقة حول طبيعة هذه المساعدات أو حجمها.
تحقيق
وألمح وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إلى احتمال أن يكون الإحراق العمد وراء الحرائق، حيث أعلنت الشرطة أنها ألقت القبض على أحد سكان القدس الشرقية الذي ضُبط “وهو يحاول إشعال النار في حقل جنوب المدينة”. لكن لم يصدر أي بيان رسمي يربط بين الأمرين بشكل مباشر.
وأكد بن غفير أن الشرطة ستعتقل أي شخص “متورط في إرهاب الحرق العمد”، بينما تراقب أيضا أي اضطرابات. أصدر تعليمات لقوات كبيرة من الشرطة ونحو 14 ألف عنصر من فرق الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بالخروج في دوريات، بعد تقييمه أن الحرائق جرى إشعالها بشكل متعمد.
لكن مسؤولين أمنيين قالوا إنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الحرائق اندلعت نتيجة إشعال متعمد على خلفية قومية.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) يشارك في التحقيق لتحديد أسباب الحرائق.
خلافات
وكشفت الحرائق عن خلافات بين الجيش الإسرائيلي والشرطة تحت قيادة بن غفير. وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن سلاح الجو اتهم بن غفير، بتقديم رواية كاذبة فيما يتعلق بتنسيق استخدام طائرات شمشون في جهود الإطفاء.
وأشارت إلى أن هناك حالة من الغضب في سلاح الجو بعد تصريحات بن غفير التي قال فيها إنه وجه بتفعيل طائرات شمسون لإخماد الحرائق.
واتهم سلاح الجو بن غفير ومفوضية الإطفاء بالإهمال وعدم الرغبة بتشغيل الطائرات التابعة له في الساعات الأولى من اندلاع الحريق، وذلك لتوفير المال.
وقال مسؤول في سلاح الجو لمعاريف “لدينا نظام للتنبؤات الجوية العسكرية، وأدركنا أن الطقس سيكون صعبا وغير مستقر في الأيام القادمة، مما سيؤدي إلى حرائق ضخمة”.
وأضاف “بناء على هذه التوقعات، تواصلنا مع إدارة الإطفاء وطرحنا عليهم إمكانية تفعيل طائرات شمشون للمساعدة في إخماد الحرائق، لكنهم رفضوا”.
من جانبه، اتهم المدير العام السابق لوزارة الأمن القومي الإسرائيلية تومر لوتان، بن غفير بـ”المساس بجاهزية قوات الإطفاء، مما أثر على التعامل مع الحريق الضخم في جبال القدس”.
وقال لوتان لصحيفة “هآرتس” إن مجلس الأمن القومي أوصى في عام 2022 بشراء طائرات مروحية من طراز بلاك هوك للشرطة، من أجل استخدامها في أغراض بينها إخماد الحرائق.
من جهته، ألمح يائير، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى احتمال تورط اليسار الإسرائيلي في إشعال الحرائق لإجهاض الاحتفالات بما يسمى بـ”يوم الاستقلال”.
وعبر منصة إكس، قال يائير، المقيم في الولايات المتحدة: “هنالك أمر مثير للشبهات، اليسار كان يعمل بقوة خلال الأسابيع الماضية لإلغاء احتفالات عيد الاستقلال”.
وأضاف “أتمنى أن يكون إشعال الحرائق تم على أيدي عرب فقط، وليس بالتعاون مع أشخاص من شعبنا” وفق تعبيره.