ريهام سعيد.. إعلامية ذات بصمة خاصة بين التحديات والأزمات
على الساحة الإعلامية المصرية، برزت أسماء عديدة، ولكن قلّما نجد شخصية إعلامية مثيرة للجدل ومستقلة التفكير كالإعلامية ريهام سعيد. استطاعت هذه الإعلامية أن تُثبت وجودها بفضل أسلوبها المباشر وقضاياها الشائكة التي غالباً ما تثير ضجة لدى الرأي العام. ومع ذلك، دفعت ثمناً باهظاً لهذا الأسلوب، حيث تعرضت للعديد من الاتهامات والحملات المضادة التي سعت لإسكاتها أو تشويه صورتها. لكن رغم كل ذلك، ظلت ريهام سعيد تقاوم وتتحدى، لتبقى صامدة في وجه العقبات التي تواجهها.
بداية المسيرة الإعلامية
ولدت ريهام سعيد في القاهرة، وبدأت رحلتها الإعلامية في أواخر التسعينيات كمذيعة برامج، ولمع اسمها لأول مرة ببرنامج “صبايا” الذي عُرض على عدة قنوات مصرية، منها قناة المحور ثم قناة النهار. استطاعت أن تجذب شريحة واسعة من الجمهور بفضل جرأتها واهتمامها بتسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة، خاصةً تلك المتعلقة بالفقراء والمهمشين، التي تتجاهلها أحيانًا وسائل الإعلام الأخرى.
اللمسات الخاصة وأسلوبها الفريد
عرفت ريهام سعيد بأسلوبها المختلف عن السائد في الساحة الإعلامية المصرية؛ فهي لا تكتفي بطرح القضايا فحسب، بل تسعى للتفاعل المباشر مع الحالات الإنسانية التي تعرضها في برامجها. قدمت دعمًا ماليًا وعينيًا للعديد من الأسر المحتاجة، وساعدت في علاج مرضى محتاجين، كما نظمت حملات تبرع لصالح قضايا إنسانية مختلفة. ولعل هذا الأسلوب قد أكسبها محبة جزء كبير من الجمهور، ولكنه وضعها أيضاً في مرمى الانتقادات المتواصلة.
الأزمات التي واجهتها
رغم نجاحاتها وتأثيرها الإيجابي، إلا أن ريهام سعيد كانت ولا تزال محط جدل دائم، حيث مرت بمواقف صعبة وأزمات متكررة، بعضها وصل إلى أروقة المحاكم. كانت إحدى أبرز هذه الأزمات عندما تم اتهامها بالتحريض ضد فئة معينة من المجتمع في حلقة ناقشت فيها قضية اجتماعية حساسة، الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة وأدى إلى وقفها عن العمل لفترة طويلة. كما واجهت انتقادات حادة إثر تناولها قضايا الجسد والشكل، حيث عوقبت بعد اتهامها بالتنمر خلال حديثها عن السمنة.
وفي حادثة أخرى، واجهت ريهام دعوى قضائية من إحدى العائلات التي زعمت أن برامجها تسببت في التشهير بهم. وعلى الرغم من براءتها لاحقًا، فإن هذه الاتهامات كانت سبباً في زعزعة مسيرتها الإعلامية وأثرت على صورتها العامة، ودفعتها لمراجعة أسلوبها وطريقة تناولها للقضايا.
الظلم والصمود
تؤمن ريهام سعيد أنها ظُلمت مرات عديدة من قبل الجمهور وبعض الزملاء في الوسط الإعلامي. ففي حين يرى البعض أن أسلوبها المباشر فيه جرأة غير مقبولة، تؤكد ريهام أن رسالتها هي نقل الواقع بشفافية، حتى وإن كان هذا الأسلوب لا يعجب الجميع. أكدت مرارًا أنها ليست مثالية ولكنها صادقة مع جمهورها، وأن كل ما تسعى له هو تقديم الحقيقة، مهما كانت قاسية.
تعاني ريهام أيضاً من ضغوط نفسية هائلة نتيجة التهجم المستمر والتشكيك في نواياها، ومع ذلك تواصل العمل وإصرارها على العودة للجمهور الذي أحبها، حيث استمرت محاولاتها للعودة للشاشة حتى بعد قرار إيقافها عدة مرات. وخلال السنوات الماضية، تحدت جميع العراقيل وتمكنت من استعادة مكانتها شيئاً فشيئاً، متحديةً الظروف بجلد وإصرار.
التطلعات والرؤية المستقبلية
تحلم ريهام سعيد بالعودة بقوة للساحة الإعلامية عبر برامج جديدة تتناول قضايا من قلب المجتمع المصري، لكن بأسلوب أقل إثارة للجدل وأكثر توازناً. ترغب في استكمال مسيرتها في الإعلام وتوسيع تجربتها الإنسانية لتشمل مشاريع خيرية ومبادرات اجتماعية تعزز من دور الإعلام الإيجابي. تعمل حالياً على إطلاق منصات رقمية جديدة تستهدف شرائح متعددة من المجتمع، لتكون صوتًا صادقًا ومؤثرًا يساهم في نشر التوعية والتغيير الإيجابي.
ريهام سعيد ليست مجرد مذيعة؛ فهي شخصية إعلامية تتحدى المصاعب وتكافح من أجل تقديم نوع مختلف من الإعلام الاجتماعي، الذي يحاول ملامسة قلوب الناس وإحداث فارق في حياتهم. وبينما تعرضت للعديد من الضغوطات والاتهامات، إلا أنها لا تزال تواصل العطاء، مؤمنةً برسالتها ومستمرةً في الكفاح من أجل مكانتها ودورها الاجتماعي. إنها نموذج للإصرار والمثابرة، حتى وسط أصعب التحديات.