تقارير

“نوره” ابنة الحوطا وحكاية فتاة عصامية واجهت ظروف الحياة وحققت حلم طفولتها

في قرية الحوطا الغربية بمركز ديروط بأسيوط بزغ نجم شابة يانعة في مجال الخياطة تدعي نوره، وبدأ اسمها يتردد على ألسنة فتيات القرية وسيداتها لإتقانها لعملها وحصرية لمساتها

في بيت هادئ مصباح ليله أم محبة لبيتها وأطفالها برعت في مهن الخياطة التي تعشقها ليتسلل عشق المهنة من الأم إلى الطفلة نوره وينسج خيوط حبه حول قلبها الرقيق حتى يملك عليها تفكيرها ويصير حب المهنة محور شغفها، فكانت ترمق والدتها أثناء عملها بعيون تلتقط التفاصيل وتحتفظ بها في عقلها فلقد تعلمت على يد أم مخضرمة فهي التي تعلمها وهي التي تحيك لها الطريق، هكذا كانت بداية نشأة  “نوره خالد” صاحبة التسعة وعشرين عاما.

بداية نوره

لم تكن نوره تعرف كيفية استخدام ماكينة الخياطة في بداية مشوارها ولم يخلو الأمر من إصابات العمل فلقد تعرضت لإصابة في يديها بسبب عدم المعرفة الكافية بالماكينة، إلا أن حبها الشديد للخياطة دفعها لتجربتها بنفسها، فلم يتوقف عقل الطفلة الصغيرة عن التفكير في الخطوة الأولى للبدء في أول أعمالها ولم تتوقف عيونها عن المراقبة، وما بين عين تدقق وعقل يرصد وأذن تسمع في صوت ماكينة الخياطة نغمها المفضل اتخذت نوره قراراها وبدأت في الخروج من شرنقة الاكتفاء بالمشاهدة والحلم من بعيد إلى اجتياح أرض العمل على الواقع، ومع سن الثالثة عشر وبعدما اشتعلت الفكرة في رأسها بدأت تخطو أولى خطواتها على طريق تحقيق حلمها ودخول عالم التفصيل.

نوره
نوره

كانت نوره في ذاك الوقت تدرس في معهد الفتيات التابع للأزهر الشريف، فقامت وقتها بتفصيل قطعة ملابس وعرضتها على صديقاتها اللاتي أعجبن بها وطلبلن منها تفصيل ملابس لهن، وكان رد فعل زميلاتها بمثابة مجداف الدفع لتبحر في  نهر رحلتها بقوة فلقد أهدتها كلماتهن شعلة الطريق  لتبدأ في مشروعها بقوة وثبات، فلقد تبدد خوفها من أول رد فعل من جمهورها الصغير وتحول لدافع كبير يحمل خطاها لذاك الغد الذي يا طالما حلمت به منذ نعومة أظافرها وانطلقت لاستكمال رحلتها بقوة في مجال تصميم وتفصيل الملابس.

بداية انتشار نوره

تسلل الحديث عن نوره من بين جماعات الرفاق إلى أستاذتها المعهد وفي إحدى المرات طلبت وكيلة المعهد منها أن تحيك لها ولإحدى المعلمات ملابسًا، وبدأت نورة تعُد العدة للتحدي الأكبر لإخراج إبداعها على شكل ملابس تنال إعجاب أساتذتها ويُظهر حجم موهبتها وبالفعل كان، فلقد كانت وكيلة المعهد فخورة جدًا بأنها تلميذة في المعهد، لتنجح نوره في تحديها واختبارها الأول وتحصل  على إعجاب وثقة الوكيلة.

العائد

ستون جنيها هي أول أجر حصلت عليه نوره وكان ذلك في العام 2003 وكانت تلك الجنيهات قليلة العدد هي بالنسبة لها كنزها الثمين فهي ثمرة تعبها وأول أموال تطرق بابها من عمل يدها ومشروعها ومجهودها الخاص، وقد كانت هذه البداية لنجاحها في هذا المجال حيث كان هدفها تحقيق الاستقلال المادي وعدم تحميل والدتها أعباء مادية.

نجاح وخسارة

وبينما كانت تكمل دراستها في الثانوية العامة حاولت تطوير نفسها أكثر فأكثر، قامت بزيادة نطاق عملها واستغلال كل وقتها في تحقيق شهرة في هذا المجال، واستأنفت نوره طريقها وتطورت أكثر وأكثر في مجال الخياطة بعد دخولها الجامعة، ومع الوقت أصبحت معروفة في القرية وبين أصدقائها في المعهد، فكانت تتوجه يوميًا إلى جامعة تتلقي الدروس والمحاضرات، وبمجرد الانتهاء من دراستها، تعود إلى منزلها لتواصل عملها في مشغلها الخاص.

واستمرت في طرقها بشقيه التعليم وتحقيق حلمها بأن تكون أستاذ جامعي وبين النجاح في عالم الخياطة وتصميم الملابس، وبسبب ضغوط المذاكرة وضغوط العمل في مشروعها الخاص تأثر أداؤها التعليمي وتنسيقها للجامعة، حيث دخلت كلية التربية قسم اللغة العربية في جامعة الأزهر بأسيوط ولكن لم تستطتع تحقيق حلم العمل كمعيدة بها.

مكان خاص

بعد تخرجها قررت افتتاح محل خياطة خاص بها في القرية، فاستأجرت مكانا صغيرا واشترت ماكينات خياطة إضافية ومواد خام عالية الجودة، وكانت تعمل بجد وتسعى جاهدة لتلبية احتياجات عملائها وتقديم خدمة مميزة.

صوت ماكينة الخياطة وحركة الخيط وجريانه عبر قطع القماش لم يتوقفوا طيلة حديثها فلا وقت لديها إلا للعمل، ولقد مكنها عشقها لمهنتها أن تتميز بمهاراتها الفنية والإبداعية في تصميماتها، فهي تستخدم تقنيات متقدمة وتطريزات فريدة لإضفاء لمسة خاصة على الملابس التي تصنعها، وهي تتعامل مع مجموعة متنوعة من العملاء، بدءًا من النساء اللاتي يرغبن في تصميم فساتين زفاف فاخرة إلى الأطفال الذين يحتاجون إلى حياكة ملابس مصممة خصيصًا لهم.

شهرة

تزايدت شهرة نوره بسرعة وانتشرت سمعتها في المنطقة المحيطة بالقرية، وبدأت تتلقى طلبات من القرى المجاورة وحتى من المدن القريبة، ورغم ضغط العمل الزائد لم يؤثر ذلك على اتقانها لعملها ولا نجاحا فهي تستمتع برؤية عملائها يرتدون الملابس التي قامت بتصميمها.

ولأن كل ناجح داعم ومشجع فللعائلة ولأصدقاء دورهم المهم في حياة نوره التي أوضحت أنها كانت محط اهتمام العائلة والأصدقاء.

نموذج ناجح

تعد قصة نوره قصة نجاح مشرقة لشابة موهوبة تمكنت من تحقيق حلمها وتحويل شغفها إلى مشروع مزدهر، بل إنها قصة ملهمة للعديد من الشباب في القرية وخارج القرية تشجعهم على اكتشاف مواهبهم الخاصة ومتابعة أحلامهم.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. I was very pleased to find this web-site.I wanted to thanks for your time for this wonderful read!! I definitely enjoying every little bit of it and I have you bookmarked to check out new stuff you blog post.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى